مجموعة قصصية
الشيطان يعظ
«وجد نفسَه بعد ذلك بين اثنتَين؛ الهرب أو الصمود. قرَّر أن يصمد. ليس وراء الهرب إلَّا السخرية والضَّياع، أمَّا الصمود فإنه يمارِس فيه رجولتَه، وَلْيكُن بعد ذلك ما يكون. ربما انتهى به الصمود إلى شماتة الحاسدين، ولكن الهرب يُنذِر بما هو أفظع. وكلما تَعقَّدت الأمور وانبَهَم المغزى على إدراكه، قال لنفسه مستهينًا ليست السلامة بالغاية المُفضَّلة في هذه الدنيا.»
جاءت هذه المجموعة القصصية التي كتبها «نجيب محفوظ» في أواخر السبعينيات ثورةً وغضبًا على ما شَهِدته مصر من انفتاح اقتصادي أثَّر سلبًا على شريحةٍ عريضة من المصريين، وأدَّى إلى انتشار البطالة والانحراف السلوكي وتَفسُّخ المجتمع وظهور طبقة الأثرياء الجُدد. وقد استَخدم «محفوظ» الرمزَ بصورة بارعة للحديث عن سلبيات المرحلة ورجالها؛ فنجده في قصة «الرجل الثاني» يَتحدَّث عن البطل المثالي الذي يقع بين اثنين من كِبار الفتوَّات هما «الشبلي» و«الديناري»، وهو رمز لثورة الشباب المتكررة في السبعينيات ضد الظلم والاستبداد. أمَّا قصة «أمشير» فترمز إلى الثراءِ غير المشروع، وحتميةِ السقوط في النهاية. وفي «أيوب» يَتأمَّل الحياةَ بأسلوبٍ فلسفي وبلُغة راقية، ليُؤكِّد أن الإنسان لا ينبغي له الانشغال بطموحه وجمع الثروة عن سلامِه النفسي وصفائه الذهني، وغير ذلك من القصص المُحمَّلة بالدلالات والإسقاطات المهمة.