رواية
القاهرة الجديدة
«وكان من عادة محجوب عبد الدائم أن يشترك في أحاديثِ صاحبَيه، لا عن إيمانٍ برأي؛ فلم يكُن له رأيٌ يؤمن به، ولكن حبًّا في الجدل والسخرية، ولكنه شعَر ذلك المساءَ — أكبر من ذي قبل — أنه من الشعب البائس الذي يَعْنيه علي، فأراد أن يُنفِّس عن صدره المحزون بالكلام، ولم يَكُن الشعب شيئًا يُهمُّه، ولكنه لم يستطع أن يَطرُق همومَه الخاصة إلا عن سبيله.»
«القاهرة الجديدة» هي بداية الرواية الواقعية في أدب «نجيب محفوظ» بعد ثُلاثيَّته التاريخية، وقد تَناوَل في هذه الرواية المجتمعَ المصري في فترة الثلاثينيات، وما شاع فيه وقتها من فسادٍ وتَسلُّطٍ وانتهازية ومحسوبية واتِّساعِ الهُوَّة بين الأثرياء وعامَّة الشعب. وقد جسَّد «محفوظ» ذلك من خلال الشخصيةِ الرئيسية في الرواية؛ «محجوب عبد الدائم»، الخارجِ من رَحِم الأزمة الاقتصادية التي يُعانيها أبناءُ المجتمع، والساخطِ على وضعه الاجتماعي، المُستعِدِّ لفِعل أي شيءٍ والقَبول بأي شيءٍ مُقابلَ الثراء والوصول إلى المناصب العُليا، حتى إنْ كلَّفه ذلك الزواجَ من عشيقة «الباشا». وفي مُقابِل «محجوب» هناك زميلَاه في الجامعة؛ «مأمون رضوان» المُنتمي للتيَّار الإسلامي، و«علي طه» صاحب الفكر الاشتراكي. وتأتي شخصيةُ «إحسان» حبيبة «علي طه» لتُجسِّد المُعاناة الكبرى لهذه الطبقة حين تُصبِح عشيقةَ «الباشا» وزوجةَ «محجوب عبد الدائم».