مجموعة قصصية
بيت سيئ السمعة
«أم عباس» امرأة جميلة، عُرِفت في الحي بجمالها، ويَتطلَّع إليها أصحابُ الأذواق كما يَتطلَّع أهلُ الخلاء إلى عينِ ماء. وهي إلى ذلك تمتلك عِمارةً قديمة من أربعةِ أدوار، غير ثلاثة دكاكين أسفلها؛ ولذلك اعتدَّها الأهالي، وكلهم فقراء، حُلمًا مُوشًّى بالذهب … وكثيرون سعَوا إلى التزوُّج منها، ولكن القِسمة دفعَت بها إلى أحضانِ رجلٍ لم يجرِ عند الظن على بال.»
بلغةٍ ساحرة يأخذنا «نجيب محفوظ» إلى عالَمه المليء بالرمزيات، وشخوصِه التي تنطق بأبلغ الحِكَم، وأَمكِنته التي يَفُوح منها عِطرُ المجد الغابر؛ يُقدِّم لنا باقةً قصصية ثَرِية بالحكايات والمعاني؛ فيروي لنا في قصةِ «قبل الرحيل» عن «بركات» الذي خدعَته فتاةُ الليل «دنيا» حين أعادت له أمواله، ليَنتشيَ في سعادةٍ غامرة لم يشعر بها من قبل، ولكنها قُبَيل الرحيل تَستردُّ الأموالَ مرة أخرى، مؤكِّدةً له أن لكل شيء ثمنًا، وهذه هي الدنيا؛ تخدعك أولًا، ثم تَسلبك كلَّ شيء في النهاية، فلا تَأمن لها. وفي قصة «حُلم نصف الليل» يحمل لنا الكثير من الرمزيات؛ ﻓ «أم عباس» ترمز إلى مصر، وابنها «عباس» يرمز إلى الشعب، وأزواجها يرمزون إلى الحكَّام الذين يَتوالون عليها، ويُذيقونها صنوفًا وألوانًا من العذاب، لكنهم يُقتَلون في النهاية. وغير ذلك من الحكايات المليئة بالرمزيات. .