رواية
حضرة المحترم
«مأساةُ الآدمية أنها تبدأ من الطين، وأن عليها أن تحتلَّ مكانتَها بعد ذلك بين النجوم.»
حينما نختزل الحياةَ في الوظيفة، وتصبح هي النجمَ الذي ندور في فلَكه، فنُلغي حياةً إنسانية كاملة من أجلها، ومن أجل الترقِّي فيها من الدرجة الثامنة إلى منصب المدير العام، فتكون الوظيفةُ عندئذٍ عبوديةَ القرن العشرين. هذا ما كان عليه «عثمان بيومي» الذي لا يرى نفسه محترمًا إلا إذا أصبح مديرًا عامًّا، فيُنفق عمرًا بأكمله في سبيل الوصول إلى هذا المنصب، ويُسخِّر كلَّ طاقاته من أجله، فيُغفِل عن الحب وغيره من التفاصيل التي تجعل للحياة معنًى، ويُلغي من قاموس حياته معنى السعادة، ليُفاجَأ في نهاية المشوار أن عمره قد سُرق في سبيلِ طُموحٍ زائل، وأن العمرَ أثمنُ من أن نُضيِّعه في منصبٍ وظيفي، وأن إنسانيتَنا وتفاصيلَ الحياة لا تُقدَّران بثمن. ثم يأتيه منصبُ المدير العام حينما يُوشِك على الرحيل، دونَ أن يَتذوَّق طعمَ الحياة الحقيقي.