مجموعة قصصية

صباح الورد

«وحارة قرمز ذات جدرانٍ حجرية عالية، تُغلق أبوابها على أسرارها، ولا تبوح بسرٍّ إلا لمَن ينظر في داخلها، هناك يرى رَبعًا آهِلًا بالفقراء والمتسوِّلين يجمعهم الفِناء للعمل وقضاء الحاجات، أو يرى جنة تَغْنى بالحديقة والسلاملك والحراملك. من نافذةٍ صغيرة عالية قُبَيل القَبو، يلُوح أحيانًا وجهٌ أبيض كالقمر، أراه من موقعي في نافذة بيتنا الصغير المُطِلة على الحارة فأَهيم رغمَ طفولتي في سحر جماله.»

ثلاثُ قصصٍ قصيرة تحمل بداخلها الكثير من الحكايات والشخصيات، يعود فيها «نجيب محفوظ» إلى ذكرياته في الحارة المصرية، ثم في منطقة العباسية التي انتقل إليها في الثانيةَ عشرةَ من عمره، ويُقدِّم لنا لقطاتٍ حيةً وغنية بالتفاصيل، تحمل روحَ المكان، وملامحَه القديمة التي محاها الزمن لكنها ظلَّت راسخة في ذاكرة «محفوظ»، فكانت المجموعة القصصية نسيجًا واحدًا مترابطًا، تَنقَّل فيها بين منطقتَي الحسين والعباسية، فجاءت مُحمَّلةً بعبَق الماضي وحنين الذكريات وعبيرها الأخَّاذ، مُعبِّرةً عن عالَم «محفوظ» الروائي، وشخصياتِ هذا العالَم التي حكَى عنها في الكثير من رواياته، والأمكنةِ التي كانت مسرحًا للكثير من أحداثه، والأحداثِ السياسية التي انشغل بها بدايةً من ثورة ١٩١٩م، وحركة الضباط الأحرار، والنكسة، والسادات، والانفتاح الاقتصادي.

صباح الورد