رواية

قشتمر

«التحموا بتجانُسٍ رُوحي صمد للأحداث والزمن، حتى التفاوُت الطبقي لم يَنَل منه. إنها الصداقة في كمالها وأبدِيَّتها. الخمسة واحد والواحد خمسة، منذ الطفولة الخضراء وحتى الشيخوخة المُتهاوية، حتى الموت. اثنان منهم من العباسية الشرقية، واثنان من الغربية، الراوي أيضًا من الغربية ولكنه خارج الموضوع. وتتغير المصائر وتتفاوت الحظوظ ولكن تظلُّ العباسية حيَّنا، وقشتمر مقهانا، وفي أركانه تسجَّلت أصواتنا، مُخلِّدةً البسمات والدموع وخفقاتٍ لا حصرَ لها من قلب مصر.»

كانت الحارة المصرية عِشق «نجيب محفوظ» الأول؛ فجعلها مسرحًا للكثير من أحداث رواياته، وكانت المقاهي عِشقَه الثاني؛ فجعلها هي الأخرى مسرحًا ثريًّا للكثير من رواياته، بل حملَت أيضًا بعضُ الروايات أسماءَ المقاهي، مثل الرواية التي بين أيدينا؛ «قشتمر»، المقهى الكائن بالعباسية، الذي كان المكانَ الأثير للِقاء الأصدقاء الخمسة أبناء العباسية؛ الذين كان اثنان منهم من العباسية الشرقية حيث سكن الأثرياءُ في السرايات، واثنان من العباسية الغربية حيث سكن الفقراءُ في منازلَ مُتراصَّة، والخامس الراوي من العباسية الغربية أيضًا. اختلف الأصدقاء في طبقاتهم الاجتماعية، ووضعِهم المادي، وآرائهم الفكرية، ولكنهم اجتمعوا على أسمى العلاقات الإنسانية؛ وهي الصداقة، واستطاع «محفوظ» من خلالهم رصدَ الكثير من التغيُّراتِ والتفاصيل الاجتماعية والفكرية للمجتمع المصري خلال فترةٍ طويلة تمتدُّ من الحرب العالمية الأولى حتى عصر «السادات»، والتأثيراتِ السياسية على آرائهم وحياتهم.

قشتمر